الاثنين، 25 فبراير 2013

الشعور و الاشعور


 المقدمة :
        يكاد  يجمع علماء النفس  في تعريفهم للشعور  على أنه إدراك المرء  لذاته أو هو حدس  الفكر لأحواله وأفعاله (  الحدس معرفة مباشرة )  وعليه يكون الشعور أساس  المعرفة الذاتية .  ومن ثم فهل يمكن  اعتماد الإنسان  على شعوره وحده   في إدراك كل ما يجول   في حياته النفسية ؟ بمعنى آخر  هل الشعور يصاحب كل  ظواهر النفس ؟
     التحليل :
 القضية الشعور يشكل  مجمل الحياة النفسية (  الشعور أساس الأحول  النفسية ) .
 الحجة :   يذهب بعض الفلاسفة  أصحاب النظرية الكلاسيكية (  التقليدية ) إلى أن الحياة النفسية  في مجملها تقوم على أساس الشعور  وعلى رأس هؤلاء  "  ديكارت "  الذي اتبع منهج الشك  الذي يشمل كل شيء  إلا البداية  الأصلية الغير مشروطة  في المعرفة والتي حددها  ديكارت ب "  أنا أفكر إذن  أنا موجد " وهو ما يعرف  بالكوجيتو  الديكارتي  حيث سلم بوجود  التفكير وبما أن الإنسان  لا ينقطع عن التفكير  فهو يشعر بكل ما يحدث   على مستوى النفس  وبما أن الشعور حدس  والحدس معرفة مباشرة  لا تخطئ  فهو ينقل للفكر  كل ما تعيشه النفس  ومن ثم لا وجود للحياة النفسية  لا شعورية لذلك  يرى كل ما هو نفسي     يرادف ما هو شعوري  .  وهناك آخرون ممن يرون  ذلك أمثال " ستيكال " أو" ابن سيناء "   في الفكر الإسلامي  حيث يقول : "  الشعور بالذات لا يتوقف أبدا "  وهكذا ساد الاعتقاد   قديما أ، شعور الأساس  الحياة النفسية .
النقد :  لكن المتأمل لحياة الإنسان  يكشف أنه يعيش  كل لحظات حياته  في حالة واعية  بل تصدر منه  سلوكات  لا يشعر بها  إلا بعد فواتها  أو تنبيهه إليها مثل زلات  القلم فلتات اللسان ... وهذا يدل على وجود  حياة لا شعورية ..
النقيض :  الشعور لا يشكل مجمل الحياة  النفسية عند الإنسان (  اكتشاف اللاشعور )
 الحجة :  اللاشعور هو مجموع الحوادث النفسية  المكبوتة التي تؤثر  في النفس دون الشعور بها  ويعتبر فرويد مكتشف اللاشعور  ولو أن بوادر   هذا الاكتشاف كانت موجودة   قبله مع " ليبتز " " 1646_1716  "  الذي حاول إثبات  فكرة اللاشعور  بالأدلة العقلية  حيث قال : "  لدينا في كل لحظة عدد  لا نهاية له  من الادراكات التي   لا تأمل فيها  ولا نظر "  ثم جاء دور الأطباء  ومنهم " "  برنهايم "  ( 1837_ 1919)  و " شاركو" ( 1825_ 1913)  من خلال معالجة   مرض الهستيريا (  اضطرابات عقلية ونفسية  دون وجود خلل عضوي )  وفكرة التنويم المغنطيسي  الأمر الذي هدى  " فرويد "  وبعد وقوفه على تجارب  " بروير" ( 1842_ 1925)  إلى اكتشاف اللاشعور  وهذا يعني أن هناك جانبا  في حياتنا توجد فيه أسرار وعقد لا يسمح لها بالخروج في حالة الشعور  ،  ومن ثم كشف عن نظريته   في التحليل النفسي القائمة  على التداعي الحر .
 النقد :  لكن اللاشعور وإن أصبح  حقيقة لا تنكر فإن الحوادث  النفسية لدى الإنسان  تبقى تجري في مجال الشعور  بالدرجة الأولى فالإنسان  يعيش معظم لحظات حياته واعيا .
 التركيب :  الحياة النفسية تتشكل من  الشعور و اللاشعور .
 من خلال ما سبق لا يمكن  إهمال الجانب الشعوري  لدى الإنسان ولا يمكن   إهمال الجانب الشعوري  لدى الإنسان ولا يمكن  إنكار دور اللاشعور  بعد ما تم  التدليل عليه  ،  ومن ثم فالحياة النفسية  عند الإنسان أصبحت  بجانبين شعورية ولا شعورية  باعتبار أن الشعور أمر لا يمكن إنكار وجوده . ولكنه  لا يصاحب جميع أفعال الإنسان  ولا يوجهها دائما .  ثم أن للدوافع اللاشعورية  أثر بارز في توجيه  سلوك الفرد .
 الخاتمة :
    إن  الإنسان كائن واعي  بالدرجة الأولى .   وعليه فإذا كان شعور الإنسان  لا يشمل كل حياته  النفسية فما يلفت  من الشعور يمكن رده  إلى اللاشعور  فهو في نظر فرويد  مركز الثقل في الحياة النفسية  وبالتالي فالشعور يشكل  جانب من الحياة النفسية  و اللاشعور يشكل الجانب الآخر .

0 التعليقات:

إرسال تعليق